مقال - ( للسعادة عنوان واحد)
hamed 27-5-2009
كم تشتكي وتقول إنك معدم --- والأرض ملكك والسما والأنجم
إن الاستيعاب التنويري لعلم الطاقة البشرية يوفر للإنسان دليلاً ساميا للحياة . وإن هذه الحالة تقضي بالإنسان إلى بناء حصنه وقوته الشخصية وتجعله يعي وجوده الشخصي لـ "أنا موجود".
فأجمل ما في هذه الدنيا هم الناس، متعتي الكبرى في هذه الحياة أن أعرف الناس، أن أعرفهم من الداخل والخارج، أن أدرسهم وأحبهم.
وفعلاً أحببت الكثيرين. كنت أعامل الذين يكرهونني كأنهم مرضى وأدعو لهم بالشفاء، وأعذر الفاشل الذي يحقد على الناجح، وأعذر الضعيف الذي يكره القوي، وأجد مبرراً للفئران عندما تمقت السباع.
وعرفت أقزاماً كالعمالقة وعمالقة كالأقزام، عرفت أقوام عراضاً طوالا من خارجهم، وصغاراً متضائلين من داخلهم، عاشرت الملوك والصعاليك، وعرفت صعاليك لهم طباع الملوك وملوكاً لهم أخلاق الصعاليك.
وعاشرت الفاشلين في جحورهم ومغاورهم وحفرهم، ورأيت الشياطين أكثر من الملائكة، ورأيت مواكب النصر تحف بها الطبول والهتافات، وشهدت مآتم الهزيمة تنهمر منها الدموع وعبارات الكذب والندم وأصوات البكاء والعويل.
ولكن وراء هذه السماء الملبدة بالغيوم أطمح في رؤية الشمس والأنسان الذي يبادلني الكلمة الطيبة والحب والسلام بالرغم من أنها "دمرتني لأنني كنت يوماً أحبها". "يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً".
لا تسقني كأس الحيـاة بذلـة --- بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
لا تخدع نفسك بمصطلحات مهرج أو مهرجة أو بكلمة من الكلمات فالحقيقة لديك، فيك، وستعرفها مع الزمن عندما تتفتح تدريجيا "بشكل طبيعي كزهرة والبصيص الصغير الذي فيك سيلقي ضوءه على الجميع وسينير كل المواضيع.
سر بهدوء وبجدية في طريق حياتك. العجالة البالغة لا يجمعها بالسرعة جامع. والأوهام ليست نشاطاً، والململة ليست قوة. الإنسان ذو الطباع الهادئة الجادة الثابتة يحقق الهدف أسرع بكثير من أخيه ذي الصفات النقيضة.
الثبات، الثقة بالنفس والإصرار الهادئ قوام قوة ثلاثية جبارة ديناميكية لو أدركها الإنسان فإن من شأنها أن تحسم الكثير من المسائل. الحكيم يستفيد مما لا يراه الغبي، والحجر الذي ينبذه البناء يصلح رأس زاوية.
لا تزحف مثل الدودة، ولا تعفر رأسك بالرماد ولا تشهد السماوات على أنك ذلك المخلوق المنبوذ. لا تسم نفسك شقي منحوس غير جدير إلا بالإدانة الأبدية. لا وألف لا، انهض، ارفع رأسك ووجهك نحو السماء، شمر كتفيك إلى الخلف واستنشق ملىء رئتيك أوزون طبيعي. وقل لنفسك : "أنا موجود" جزء من مبدأ الحياة الأبدي. أنا خلقت بصورة وتشبيه من عند الله، أنا مفعم بنفس حياة من عند الله ، وليس بوسع أحد أن يؤذيني لأن أنا موجود جزء من حياة أبدية.
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً --- ترمى بأحجار فترمى أطيب الثمرا
سر بطريقك صديقي العزيز، وكن حازماً في قراراتك وشديداً بقوتك التي اكتسبتها والتي ستكسبها. أدي واجبك أولا تجاه نفسك ثم تجاه إخوتك فالناس الآخرين. اعترف بأخوة جميع البشر، اعترف أن الناس جميعاً إخوتك .
لا تفتر على إخوتك هؤلاء ولا تسمح لهم بخداعك، ولو تغاضيت عنهم خلافاً لضميرك وإدراكك فإنك بذلك لا تسيء إلى نفسك وحسب بل إليهم أيضاً. لا تبدأ أنت بالحرب أبداً. ولكن لا تسمح أيضاُ بإهانتك بدون عقاب.
وإذا ما ضربك أحد على خد فلا تعط الخد الآخر وإنما أعطه درسا لا ينساه ، مع ابتسامة. ولكن عليك ألا تكن له البغضاء في قلبك، ولو جنح إليك من جديد فاغفر له ذنبه. إن تعاليم نبذ أية مقاومة لم تعد تفهم فهماً صحيحاً تماماً، إنها لا تعني قط أنه يتوجب عليك أن تتحول بسببها إلى مخلوق ما لين العريكة كالنعجة أو الأرنب. كلا، ثم كلا وإذا ما تغاضيت عن الغير وسمحت له بأن يكون جائراً على نفسه فإنما تعمل بذلك على ظلمه.
واجبك أن توضح له وجهة نظرك وتبين مع من شأنه. أنا أتحدث بصدد الغمط الفعلي لحقوقك، ولكن لا يجوز البحث في الخيال عن تجاوز وتجعل من "الحبة قبة". فهذا سيكون الطرف النقيض. ولكن لا تدع البغضاء تجد لها مكاناً في قلبك. امض في درب الحياة بوداعة ربانية في القلب وفي اليد عصا ولا تستخدم الأخيرة للهجوم فهذا ما لا يجب أن تفعله أبدا، ولكن امسكها جنبك استعداداً للدفاع الذاتي عن النفس.
إذا كنت ترتدي درع الحق والعالم يراك محترماً نفسك ولا تصبر على أية حماقة فإنه سيعاملك باحترام. لا تظلم أحداً وأعطي كل واحد ما يستحق.
ولو أصبحت هذه الكلمات قاعدة سلوك للبشر في كل حياتهم لما عادت هناك حاجة لأي محامين ومحاكم ولا أية سجون، ولبدت الحياة أشبه بـ "زبد ناعم دائم". حاول تحقيق مثل هذه النتيجة!
مرة أخرى أحذرك: لا تسيء استعمال القوة التي اكتسبتها والتي ستكتسبها. ولا تدنس بالوحل نعمة الله! استثمرها بلا عراقيل لصالحك بكل وجهة شرع. ولكن لا تلحق ضرراً بأي كان من جراء وبسبب هذه النعمة. إذا لم تدرك هذه العظة أو تلك الواردة في هذا فلا يجدر بك أن تنهار روحياً. فالإدراك يأتي مع الزمن. أعد تلك الكلمات التي تبدو لك الأصعب. ثم استغرق في وضعية سكون تام نفسي وبدني وروحي. أدخل راحة الصمت وسترى عالماً جديداً أطرق – وسيفتح، التمس- وستعطى. التفاؤل هو توقع الأفضل في ظلال الأوضاع السيئة، وكذلك توقع الإيجابية في الأوضاع الجيدة.
والتشاؤم يتعارض مع الطاقة الإيجابية والأمل، وفي الحديث "التفاؤل من الإيمان والتشاؤم من الشيطان". فلا تكن مثل مالك الحزين، تغني أجمل الألحان وأنت تنزف الشوق والحسرة، فلا شيء في الدنيا يستحق من دموعك نقطة واحدة سوى رضا الله ورضا الوالدين ورضاك عن نفسك.لا تتحدث دائماً عن مخاوفك وسلبياتك حتى لا يبتعد عنك الآخرون ولا تجسم مخاوفك أمام نفسك فتعتقد أنه لا حل لها.
من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها، ورحم الله امروءاًً عرف قدر نفسه:
على قدر أهل العزم تأتي العزائـم --- ويأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارهـا --- وتصغر في عين العظيم العظائم