[center]“الإزار الجريح” ..عظمة الإسلام وعدل الفاروق
2
09
2009
“ابن الأيهم : الإزار الجريح”
هو نص مسرحي للشاعر سليمان العيسى نسجه على أحداث قصة حقيقية حدثت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ،
وملخص القصة :
أن جبلة بن الأيهم وهو آخر ملوك الغساسنة كان نصرانياً ثم دخل في الإسلام على عهد الفاروق ، وقصد مكة المكرمة معتمراً وبينما هو يطوف بالبيت الحرام داس على طرف رداءه بدوي من قبيلة فزارة خطئاً ..فغضب جبلة من فعل البدوي وضربه على وجهه ضربةً هشمت أنفه وأسالت الدم على وجهه
فشكى هذا الأعرابي أمره إلى الخليفة عمر ، فبعث عمر بمن يأتي بجبلة بن الأيهم إلى مجلس القضاء ، وعندما جاء أجلسه بجوار خصمه ، فسمع منه وسمع من الأعرابي ..ودار في مجلس القضاء كلام طويل ،
وقد صاغ الشاعر هذا الحوار شعراً بطريقة رائعة ، واقتطعت لكم منه بعض مقاطع ..لما فيها من معاني عظيمة تستحق الوقوف عندها ..فاستمعو :
.
.لمحة :
“في دار الخلافة بمكة. وهي بناء متواضع أشبه ببيت عُمَر في المدينة. عمر بن الخطاب في صَدر المجلس يحيط به عددٌ من الصَّحَابة وذوي الرأي ، جَبَلةُ بن الأيهم يجلس أمامه مع عدد من أصحابه أيضاً.
تُسمع خارجَ الدار ضوضاءُ الجنود الذين احتشدوا من الجانبين.
الصدامُ يكادُ يقع بين فرسان الملك، وبين جنود الخليفة في كل لحظة. أبصارُ الحاضرين عالقة بما سيقوله عُمر.
لحظة صمت مهيبٍ مُشبعٍ بالتوتر، تسود المكان. “
يقول الخليفة عُمر :
يابنَ أيهَمْ!
جاءَني هذا الصَّباحْ
مشهَدٌ يبعَثُ في النَّفسِ المرارَهْ
بَدَويٌ مِنْ فَزارَهْ
بدِماءٍ تتظلَّمْ
بجراحْ
تتكَلَّمْ
مُقلَـة غـارَتْ ، وأَنـفٌ قد تهَشَّمْ
وسألناهُ ،
فـأَلقـى فـادِحَ الوِزْرِ عليـكْ
بيديكْ ،
قالَ، قـدْ أشبعتَهُ ضربـاً وقَصفـا
بيديكْ ،
في فناءِ البيتِ قد هشَّمته وجهاً وأنفاَ
أصحيحْ؟
يا بن أيهَمْ!
أَصحيحْ؟
مـا ادَّعَى هـذا الفَزَارِيُّ الجَريـحْ!
جَبَلَة “بهدوء” :
لستُ مَنْ ينكِرُ أوْ يكتُـمُ شيَّــــا
أنا أدَّبتُ الفتى ، أدْركـتُ حقِّي بيدَيَّا
عُمر :
أيُّ حقٍّ ، يا بنَ أيهَم؟
عندَ غيري يُقهَرُ المُستضعَفُ العافي ويُظلمْ
عند غيري جبهةٌ بالإثمِ ، بالباطلِ ، تُـلطَم
نزَوَاتُ الجاهليَّةْ
ورِياحُ العُنجُهِيَّهْ
قد دَفنَّاها ، أقَمنا فوقها صَرحاً جديدا
وتساوَى النَّاسُ:
أحراراً لَدَينا وعَبيدا
يأخُذُ الحقَّ القَضاءْ
وهوَ – لا أنتَ- الذي يُنفِذُ عندي ما يشاءْ
جَبَلَة :
يا أميرَ المؤمنينْ
أفَتُصغي ، فأُبينْ؟
كنتُ بالبَيتِ أطوفْ
والمُلبُّونَ رُفوفْ
بَغتَةً.. ديسَ إزاري
داسَهُ هذا الفَزاري
كِـدْتُ في الكعبةِ أَعرى
كانَ نُكراً ما أتاهُ.. كانَ نُكرا
عامداً بَيَّتَ لي ، للناسِ ،
للمَوسِمِ شرَّا
قَسماً ، لو أنَّنا في غيرِ بيتِ الله ،
في غيرِ الحرمْ!
لستُ مِمَّنْ حنَثُوا يوماً
بعَهدٍ، بقسَمْ
لتَوارى بينَ عَينيهِ حُسامي
وكفاني نَصلُه المُرهفُ
تَشقيقَ الكلامِ
الفَزاري “متوجهاً إلى عمر” :
ما تَعمَّدْتُ – ورَبِّ البيتِ –
مِمَّا قالَ شيَّا
هفوَةً كانتْ، وشيئاً طارئاً فوقَ يديَّا
يا أميرَ المؤمنينْ
أنا بالفاروق ، بالعدْلِ،
عليهِ أستعينْ
عُمر :
أَقرَرْتَ، يابْنَ الأَيهَمِ
أَقرَرْتَ لم تَتَحرَّج ِ
الحقُّ بادٍ كالمَنارَةِ، كالصَّباحِ الأبلَج ِ
سَيرُدُّ للمُتَظلِّمِ
ما جاءَ ينشدُهُ عُمَرْ
هيهـــاتَ نَسكُـــتُ عنْ أذىً
هيهـــــاتَ نُغضي عنْ ضَرَرْ
* * *
أَرْضِ الفتى..
لابُدَّ منْ إرضائِهِ
ما زالَ ظُفرُكَ عالقـاً بدمــائِهِ
أوْ يُهشَمَنَّ الآن أنفُــــــكْ
و تنـــالَ ما فعَلتَـــهُ كَفُّــكْ
جَبَلَة ” بغضب واستنكار ” :
كيفَ ذاكْ؟
يا أميرَ المُؤمنينْ
كيفَ ذاكْ؟
وهوَ سُوقَهْ
وأنا صاحبُ تاجْ
؟!
كيفَ أرضَى؟
أنْ يَخِرَّ النَّجمُ أرضَا
كيفَ ذاكْ
هوَ سُوقَهْ
وأنا: عَرْشٌ وتاجْ
عُمَر :
نَزَواتُ الجاهليهْ
ورياحُ العُنجُهِيَّهْ
دَعـكَ من هـذا، وجنِّبني اللَّجـاجْ
والجَهالَهَ!
أنتُما نـدَّانِ.. في ظـلِّ الرِّسالــهْ
يا بنَ أيهَمْ!
أرضِهِ.. أو تذهبَا: أنفٌ بأنفِ
قبـلَ أنْ آخُـذَ هـذا الحـقَّ،
لن يُغمَضَ طرْفي
جَبَلَة ” بألَم ” :
كانَ وَهْماً ما مَشَى في خَلَـدي
أَنَّنـي عنــدَكَ أقوى وأَعَـزُّ
أنــا مُرتَـدٌّ.. إذا أكرهتَني
عُمَر ” بهدوء جازم “ :
عُنُـقُ المُرتـَدِّ بالسَّيـفِ تُحَزُّ
عالَم نَبنيهْ
كُلُّ صَدعٍ فيهْ
بشَبَا السَّيفِ يُداوَى
وأَعَزُّ الناسِ
بالصُّعلوكِ،
بالعَبدِ، تسَاوَى
.
وبقية القصة أن جبلة طلب من عمر أن يمهله إلى الغد ليتخذ قراره ، وفي تلك الليلة جمع متاعه وحاشيته وفر هارباً إلى الشام وارتد عن الإسلام ..ثم ندم بعد ذلك على أنه لم ينزل عند حكم الفاروق ..ولكن لا ينفع الندم .
.