منها "شاكوش وحبرتيه" و"نكد" و"قطب" و"دلوعة ماما" و"السبيكة"
مصطلحات غريبة يتداولها المراهقون ويجهلون آثارها الاجتماعية والنفسية
انتشرت على ألسنة عدد كبير من الشباب مصطلحات معينة، لا صلة لها باللغة الفصحى أو حتى الدارجة، ابتكرها بعض الشباب وحددوا لها معاني مختلفة، إنه قاموس جديد يعكاس الكثير من الأبعاد النفسية والاجتماعية.
يقول عبدالملك الثبيتي (طالب بالصف الثالث الثانوي) إن العوامل الدافعة لاستخدام هذه المصطلحات عديدة، تنطلق من مبدأ الفروق الفردية بين الطلاب، وتفاوت القدرات، إلى جانب الفراغ الذي يعيشه الكثير من الطلاب، وعدم وعي الأسر باستثمار أوقات أبنائها فيما ينفعهم، وضعف الوازع الديني، وعدم الثقة بين الطلاب والمعلمين، كما أن العصبيات لها تأثير في ظهور هذه المصطلحات.
وقال الطالب هاني الذويبي إن بعض المصطلحات لها أكثر من مدلول، ولكن يتعمد الطلاب استخدامها بعد عقد الاتفاق على مدلول واحد، قد يخالف المعاني التي يفهمها العامة لهذا المصطلح، بل إن بعضها قد تكون محبوبة لدى المجتمع، ولكن تدرج على ألسنة الشباب ضمن معنى غير محمود.
مصطلحات غريبة
وكشف بعض الطلاب عن عدد من المصطلحات الغريبة بين الشباب ومعانيها، حيث يطلق على الطالب المخالف لأنظمة المدرسة "شاكوش وحبرتية" ، كما تستخدم "تعميرة وبرديقة " لتعاطي الدخان والشم"، و "دلوعة ماما " للطالب غير السوي، و"جد هايدي" للمعلم الكبير في السن ، و"سامج ولكع ويحوق وفلت " للمعلم صاحب المستوى العلمي المتدني والشخصية الضعيفة، و "ولسلوس ودبوس" للطالب الذي يتعاون مع المرشد الإجتماعي في نقل أخبار الفصل والنميمة بين الطلاب، و" نكد وكومبش ونكبة" للطالب ذي الوسامة العالية، و " البنج والمنسم ويرعى " للمعلم الذي لا يجيد وسائل جذب أثناء الشرح.
وقال المرشد الطلابي بثانوية عكاظ بالطائف محمد بن إبراهيم الشهري إن الأسباب وراء نشوب هذه المصطلحات عديدة، أبرزها غياب الحوار الفعال بين الآباء والأبناء والمربين والطلاب، وعدم تفهم حاجاتهم تجاه بعض القضايا التي تخص الطلاب، ومن هنا يلجأ الطلاب لتلك المصطلحات في حالات عدم الشعور بالأمان النفسي أو الجسدي، فعندما يشعر الطالب أن هناك سلوكاً أو إجراء سيهدد أمنه، يلجأ إلى تغليف السلوك الذي سيقوم به بمصطلح غامض ، والملاحظ أنه كلما زاد الشعور بعدم الأمان زادت المصطلحات الغامضة من حيث الكم أو النوع.
تدني تقدير الذات
وأشار الشهري إلى أن هذه المصطلحات في الحقيقة ما هي إلا تعبير عن تدني تقدير الذات لدى الطالب، يستعملها الطلاب المتمردون على الأنظمة والقوانين، سواء بداخل المدرسة أو المجتمع، وهي لا تستخدم من قبل الطلاب فقط، بل من كل من يرغب القيام بسلوك خاطئ ، وتمتد وفق إطار الزمان والمكان والجماعة، وتظهر خاصة في فترة المراهقة والتي من خصائصها التمرد على الأنظمة والاستقلالية، ومن هنا تظهر كاسمة واضحة بين الطلاب في مرحلة المراهقة.
وأشار المرشد الطلابي إلى أن هناك مصطلحات محترقة أو مندثرة ، فعندما ينكشف الستار عن مدلول المصطلح، فإنه لا يؤدي إلى مغزاه المراد منه، وفي هذه الحالة تبدأ "الشلل" في البحث عن البديل، فإذا وجد البديل المناسب هنا يحترق المصطلح القديم ، وهذا نوع من المصطلحات يختفي لأسباب أخرى، أي عندما يزول السبب الذي يهدد هذا السلوك، فمثلاً في المرحلة الثانوية هناك مصطلحات ترمز للهروب من المدرسة، وهي تختفي عند دخول الجامعة .
فجوة بين المربين والطلاب
وأوضح الشهري أن هذه المصطلحات مؤشر لمدى الفجوة بين المربين والطلاب، يقول "كلما زادت المصطلحات، فهذا يعني أن الفجوة أكبر، ولابد أن تعاد الحسابات، وبدورنا كتربويين يترتب علينا تفعيل جانب الحوار، وأن تكون القوانين والإجراءات المدرسية واضحة للطالب، وأن يتحمل الطالب المسؤولية كاملة تجاه سلوكه، وأن يترك للطالب مساحة للتعبير عن ذاته، ويتمتع بمساحة نفسية داخل الفصل" .
وقال عضو الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ورئيس وحدة الرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية بمركز الموهوبين بالطائف عبد الله بن دخيل الله المنتشري إنه من الضروري أن نتعرف على مفهوم هذه الحالة، وأبعادها المختلفة، وما إذا كانت تمثل ظاهرة منتشرة في البيئة المدرسية، أم هي مجرد حالة عابرة، مشيراً إلى أنه يمكن تحديد مفهوم هذه الحالة بأنها تلك الممارسات اللفظية التي يطلق فيها طرف أو عدة أطراف لقباً أو وصفاً على شخص آخر، أو مجموعة أشخاص، حتى يصبح ذلك اللقب دارجاً ومتداولاً بين الآخرين.
وأشار إلى أن هناك أسباباً كثيرة ومتداخلة لهذه الممارسات، منها عدم تقبل الطرف الآخر بناء على سلوكه أو لشكله، وقد تحدث هذه الظاهرة من باب الفكاهة والتندر، كما قد يكون الدافع انتقاما للذات ، أو لتشويه سمعة الآخرين، وقد تحدث أيضاً استفزازا للأفراد .
وأكد المنتشري أنه غالباً ما تحدث هذه الممارسات من قبل المراهقين، وذلك عائد لبداية تفاعلهم مع المجتمع ، محاولين بذلك جذب الانتباه ، وتبني الممارسات غير المألوفة، ومنها إطلاق الأوصاف والألقاب على الآخرين، ليظهروا جزءاً من تميزهم في التهكم والفكاهة.
أضرار كبيرة
وأشار إلى أن لهذه العمليات أضراراً نفسية كبيرة، قد تؤدي لخنوع الطرف الآخر واستسلامه للطرف الأقوى، وقد يستغل فكرياً أو جسدياً ، وقد تؤدي في حالات كثيرة لردة فعل معاكاسة يمارس فيها الطرف المتضرر أنواعاً من الانتقام، أضعفها إطلاق ألقاب مشابهة على الطرف الأول.
وأوضح المنتشري أن علاج هذه الممارسات السلبية أمر صعب، خاصة وأنها تصدر غالباً من المراهقين الذين لا يعطون الأمور وزنها الطبيعي، بالإضافة إلى كون العلاج يعتمد على الضبط الذاتي، وهو من أصعب أنوع الضبط، إلى جانب ممارستها غالباً في غياب الطرف المتضرر، وهنا يصعب اكتشافها.
ويشير إلى أن خطوات علاج تلك الظاهرة أو الحد منها تعتمد على شخصيات الممارسين، فلابد من تنمية الوازع الديني للطرف الفاعل، وبيان الحكم الشرعي للغيبة والاستهزاء بالآخرين، وتنمية جانب الضبط الذاتي، واحترام الأفراد ، وبيان الأضرار المترتبة على تلك الممارسات، وما قد تخلفه من ردة فعل عنيفة، والاهتمام بالنمو الاجتماعي للطفل قبل مرحلة المراهقة، وتفعيل قيم التعايش من حب واحترام ومشاركة، ولن يكون ذلك إلا بإكاسابه بعض الأدوار الاجتماعية من خلال اللعب والترفيه.
[/URL
